حسين القروي
11-08-2007, 04:58 PM
http://www.maktabeh.com/books_img/19271.jpg
اذا كان ارسطو قال : (ان التفكير مستحيل من دون صور) فماذا يقول العلماء والفلاسفة في ايامنا هذه ? وهل ثمة شيء خارج الصورة ? فالصور موجودة في كل مكان, بل انها تشكل نهر الحياة المنساب , وهذا ما جعل آبل جانس يقول عام 1926 اننا نعيش في عصر الصورة ومن بعده قال الناقد الفرنسي ( رولان بارت) اننا نعيش في حضارة الصورة.. والصورة كما يقول الصينيون تساوي الف كلمة.
(عصر الصورة) كتاب هام صدر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية وحمل الرقم (311) في هذه السلسلة وهو من تأليف د . شاكر عبد الحميد الذي سبق له ان اصدر مجموعة هامة من الدراسات ضمن هذه السلسلة نذكر منها : (العملية الابداعية في فن التصوير , التفضيل الجمالي, الفكاهة والضحك رؤية جديدة, العبقرية والابداع والقيادة , سيكولوجية فنون الاداء .)
مباحث الكتاب تتوزع على احد عشر فصلا وتستغرق اكثر من 430 صفحة من القطع المتوسط ولعل محاولة الاشارة الى الخطوط العريضة الى فصول الكتاب تلقي بعض الضوء على اهمية ما يطرحه المؤلف ولكنها لا تغني عن متعة القراءة والافادة مما بحثه المولف و استعان بمختلف ا لعلوم للوصول الى نتائجه النهائية.
تعريف الصورة
يرى المؤلف نقلا عن بعض ا لفلاسفة الغربيين ان كلمة ايديولوجيا تمتد جذورها داخل مفهوم الصورة والتفكير بالصورة وقد جاءت كلمة ايديولوجيا كما قال من كلمة ( فكرة) التي جاءت بالفعل( يرى )في اللغة الاغريقية , وهو فعل كثير ما يتم ربطه بالفكرةالعامة حول (الصنم) او الصورة المرئية والتي هي فكرة جوهرية في البصريات ونظريات الادراك ويتفق ديفيد داو ننج وسوزان بازرجان في كتابهما ( الصورة والايديولوجيا) على ان الصورة قد شكلا الاساس للفلسفات الغربية الاساسية الميتافزيقية المتعارضة.
أنواع الصور
وبمقدار ما اختلف الفلاسفة حول تعريف الصورة بمقدار ما اتفقوا على ان انواع الصور بلا حدود وهي تزداد كل يوم مع تطور وسائل المعرفة واتفقوا على ان بعضها يرتبط بالصور الادراكية الخارجية او الصور العقلية الداخلية او الصور التي تجمع بين الداخل والخارج او الصورة بالمعنى التقني والآلي او حتى الرقمي ومن امثلة أنواع الصور نذكر :
1- الصورة البصرية .
2-الصورة بوصفها تعبيرا عن التمثيل العقلي للخبرة الحسية او اعادة انتاج لها .
3- الصورة الذهنية (في الدفاع )وهي في درجة اعلى من مجرد اعادة البناء للخبرة الحسية ومع تشابه هذا الاستخدام مع كثير من الافكار الشائعة حول مفهوم الصورة الذهنية او العقلية فان بعض التحذيرات تظهر حول الصورة الذهنية, لسنا بصدد الحديث عنها الآن .
4-الصورة التي تشير الى الاتجاه العام نحو بعض المؤسسات او الافراد مثل صورة الصين في اذهان الشعوب الغربية صورة الشرق في اذهان الغربيين وكما تمثلت في النزعة الاستشراقية بعيوبها المعروفة.
5-عناصر الاحلام ( صور ايضا ) بكل ما تشتمل عليه هذه الاحلام من تكثيف للازمنة والامكنة والاشخاص والاحداث .
6-التخييل: ويشير هذا المصطلح الى نشاط غير محكوم , او غير متحكم فيه , ولا يمكن توجيهه بواسطة الفرد الذي ينغمس فيه كبديل للواقع وهو يرتبط بأحلام اليقظة.
7-صور الخيال .
8-الصور اللاحقة .
9-الصور الارتسامية.
10-صور الذاكرة .
11- الصورة الرقمية.
12-الصورة الفوتوغرافية.
13-الصورة المتحركة.
14-صور التلفزيون .
15-صور الواقع الافتراضي
16-الصور التشكيلية .
فلاسفة الصورة...
في الفصل الثالث يتوقف عند فلاسفة الصورة بدءا من أفلاطون مرورا بأرسطو, وفي الحضارة الرومانية تم اعلاء شأن الصور المقدسة اذ تم الربط بين ما هو لفظي من ناحية او بين غير المدرك حسيا او الروحاني . اما معركة تحرير الصور فقد ظهرت خلال القرنين الثامن والتاسع الميلادي ويمكن تصور معركة تحريم الصور والنظر اليها على انها معركة دارت بين المعسكرين الموجودين على جانبي ا لعملية , ايديولوجيا الكنيسة والدولة وكانت النتائج الاجتماعية والسياسية المترتبة عليها هي لادراك مدى هيمنة سلطة الامبراطور وقد قام الحكام بتحريم الصور الدينية لانهم ادركوا مدى خطرها عليهم وعلى سلطاتهم .
ميشيل فوكو
وامبراطورية النظرة المحدقة..
من بين المفكرين الفرنسيين خلال ستينيات القرن العشرين وحتى سبعينياته كان ميشيل فوكو هو اكثر المهتمين بموضوع النظرة المحدقة والعقاب , وكان ( جي ديبور ) هو ا هم من استكشف موضوع الرؤية للمشهد , وقد قدم هذان المفكران كثيرا من الحجج المناوئة لهيمنة العين ولهذا الولع الخاص لدى بعض المفكرين بها وايضا لتلك المبالغة في صيغة المديح لما سمي ب( نبل المشهد ا لبصري) لقد ظل الابصار لديهما هو الحاسة المتميزة لكن ما انتجته هذه الحاسة في العالم الحديث هو ما تم نقده واستهجانه ايضا لانه كان في جوهره في حالات كثيرة محاطا بنزعات ضارة ومؤذية وقمعية الطابع .
كان فوكو شديد الافتتان بالقضايا البصرية وقليل الاهتمام بالقضايا السمعية لقد كان مع - لاكان عالم النفس - من المهتمين بما يمكن تسميته اركيولوجيا الظل , بالشكل يستدعي الى الذهن مباشرة ما سمي بجنون حاسة الابصار لدى اصحاب المدرسة الباروكية في الفن , وقد كتب فوكو كتابا عن الفنان التشكيلي المعروف رينيه ماجريت , وكان يعد كتابا عن الفنان مانيه لولا ان المنية لم تسعفه لكي يكمل هذا الكتاب, ومن اقوال فوكو الشهيرة في هذا المجال : ان مجتمعنا الحالي ليس هو مجتمع المشهد, لكنه مجتمع المراقبة, فنحن لسنا في قاعة المسرح ولا على خشبته , لكننا موجودون داخل منظومة الرؤية الكلية الخاصة بالمراقبة.
وتركيز فوكو المستمر على مخاطر الرؤية والمراقبة الكلية والعين المحدقة قد جعله كما قيل يتجاهل القوى الاخرى في الحياة اليومية التي تهدم وتحول وتغير السلطة الخاصة بمنظومة المراقبة الكلية, لقد اختزل كل علاقات القوة في منظومة بصرية واحدة مهيمنة .
لقد استعرض هذا الكتاب اهم الاسهامات الفلسفية التي قدمها الفلاسفة في هذا المجال وربط بين الآراء كلها ليصل الى احاطة جيدة بموضوع هام لا يكفيه كتاب او كتب ففي كل ميدان صورة ولكل صورة رسالتها واهدافها ولها متلقيها الذي سوف يقرؤها حسب خلفيته الثقافية وبدوره سوف يعيد انتاجه وتمثلها وربما حولها الى صور مختلفة الألوان والاشكال اننا حقا نعيش في مجتمع المشهد وما اوسع المشهد واكبره
اذا كان ارسطو قال : (ان التفكير مستحيل من دون صور) فماذا يقول العلماء والفلاسفة في ايامنا هذه ? وهل ثمة شيء خارج الصورة ? فالصور موجودة في كل مكان, بل انها تشكل نهر الحياة المنساب , وهذا ما جعل آبل جانس يقول عام 1926 اننا نعيش في عصر الصورة ومن بعده قال الناقد الفرنسي ( رولان بارت) اننا نعيش في حضارة الصورة.. والصورة كما يقول الصينيون تساوي الف كلمة.
(عصر الصورة) كتاب هام صدر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية وحمل الرقم (311) في هذه السلسلة وهو من تأليف د . شاكر عبد الحميد الذي سبق له ان اصدر مجموعة هامة من الدراسات ضمن هذه السلسلة نذكر منها : (العملية الابداعية في فن التصوير , التفضيل الجمالي, الفكاهة والضحك رؤية جديدة, العبقرية والابداع والقيادة , سيكولوجية فنون الاداء .)
مباحث الكتاب تتوزع على احد عشر فصلا وتستغرق اكثر من 430 صفحة من القطع المتوسط ولعل محاولة الاشارة الى الخطوط العريضة الى فصول الكتاب تلقي بعض الضوء على اهمية ما يطرحه المؤلف ولكنها لا تغني عن متعة القراءة والافادة مما بحثه المولف و استعان بمختلف ا لعلوم للوصول الى نتائجه النهائية.
تعريف الصورة
يرى المؤلف نقلا عن بعض ا لفلاسفة الغربيين ان كلمة ايديولوجيا تمتد جذورها داخل مفهوم الصورة والتفكير بالصورة وقد جاءت كلمة ايديولوجيا كما قال من كلمة ( فكرة) التي جاءت بالفعل( يرى )في اللغة الاغريقية , وهو فعل كثير ما يتم ربطه بالفكرةالعامة حول (الصنم) او الصورة المرئية والتي هي فكرة جوهرية في البصريات ونظريات الادراك ويتفق ديفيد داو ننج وسوزان بازرجان في كتابهما ( الصورة والايديولوجيا) على ان الصورة قد شكلا الاساس للفلسفات الغربية الاساسية الميتافزيقية المتعارضة.
أنواع الصور
وبمقدار ما اختلف الفلاسفة حول تعريف الصورة بمقدار ما اتفقوا على ان انواع الصور بلا حدود وهي تزداد كل يوم مع تطور وسائل المعرفة واتفقوا على ان بعضها يرتبط بالصور الادراكية الخارجية او الصور العقلية الداخلية او الصور التي تجمع بين الداخل والخارج او الصورة بالمعنى التقني والآلي او حتى الرقمي ومن امثلة أنواع الصور نذكر :
1- الصورة البصرية .
2-الصورة بوصفها تعبيرا عن التمثيل العقلي للخبرة الحسية او اعادة انتاج لها .
3- الصورة الذهنية (في الدفاع )وهي في درجة اعلى من مجرد اعادة البناء للخبرة الحسية ومع تشابه هذا الاستخدام مع كثير من الافكار الشائعة حول مفهوم الصورة الذهنية او العقلية فان بعض التحذيرات تظهر حول الصورة الذهنية, لسنا بصدد الحديث عنها الآن .
4-الصورة التي تشير الى الاتجاه العام نحو بعض المؤسسات او الافراد مثل صورة الصين في اذهان الشعوب الغربية صورة الشرق في اذهان الغربيين وكما تمثلت في النزعة الاستشراقية بعيوبها المعروفة.
5-عناصر الاحلام ( صور ايضا ) بكل ما تشتمل عليه هذه الاحلام من تكثيف للازمنة والامكنة والاشخاص والاحداث .
6-التخييل: ويشير هذا المصطلح الى نشاط غير محكوم , او غير متحكم فيه , ولا يمكن توجيهه بواسطة الفرد الذي ينغمس فيه كبديل للواقع وهو يرتبط بأحلام اليقظة.
7-صور الخيال .
8-الصور اللاحقة .
9-الصور الارتسامية.
10-صور الذاكرة .
11- الصورة الرقمية.
12-الصورة الفوتوغرافية.
13-الصورة المتحركة.
14-صور التلفزيون .
15-صور الواقع الافتراضي
16-الصور التشكيلية .
فلاسفة الصورة...
في الفصل الثالث يتوقف عند فلاسفة الصورة بدءا من أفلاطون مرورا بأرسطو, وفي الحضارة الرومانية تم اعلاء شأن الصور المقدسة اذ تم الربط بين ما هو لفظي من ناحية او بين غير المدرك حسيا او الروحاني . اما معركة تحرير الصور فقد ظهرت خلال القرنين الثامن والتاسع الميلادي ويمكن تصور معركة تحريم الصور والنظر اليها على انها معركة دارت بين المعسكرين الموجودين على جانبي ا لعملية , ايديولوجيا الكنيسة والدولة وكانت النتائج الاجتماعية والسياسية المترتبة عليها هي لادراك مدى هيمنة سلطة الامبراطور وقد قام الحكام بتحريم الصور الدينية لانهم ادركوا مدى خطرها عليهم وعلى سلطاتهم .
ميشيل فوكو
وامبراطورية النظرة المحدقة..
من بين المفكرين الفرنسيين خلال ستينيات القرن العشرين وحتى سبعينياته كان ميشيل فوكو هو اكثر المهتمين بموضوع النظرة المحدقة والعقاب , وكان ( جي ديبور ) هو ا هم من استكشف موضوع الرؤية للمشهد , وقد قدم هذان المفكران كثيرا من الحجج المناوئة لهيمنة العين ولهذا الولع الخاص لدى بعض المفكرين بها وايضا لتلك المبالغة في صيغة المديح لما سمي ب( نبل المشهد ا لبصري) لقد ظل الابصار لديهما هو الحاسة المتميزة لكن ما انتجته هذه الحاسة في العالم الحديث هو ما تم نقده واستهجانه ايضا لانه كان في جوهره في حالات كثيرة محاطا بنزعات ضارة ومؤذية وقمعية الطابع .
كان فوكو شديد الافتتان بالقضايا البصرية وقليل الاهتمام بالقضايا السمعية لقد كان مع - لاكان عالم النفس - من المهتمين بما يمكن تسميته اركيولوجيا الظل , بالشكل يستدعي الى الذهن مباشرة ما سمي بجنون حاسة الابصار لدى اصحاب المدرسة الباروكية في الفن , وقد كتب فوكو كتابا عن الفنان التشكيلي المعروف رينيه ماجريت , وكان يعد كتابا عن الفنان مانيه لولا ان المنية لم تسعفه لكي يكمل هذا الكتاب, ومن اقوال فوكو الشهيرة في هذا المجال : ان مجتمعنا الحالي ليس هو مجتمع المشهد, لكنه مجتمع المراقبة, فنحن لسنا في قاعة المسرح ولا على خشبته , لكننا موجودون داخل منظومة الرؤية الكلية الخاصة بالمراقبة.
وتركيز فوكو المستمر على مخاطر الرؤية والمراقبة الكلية والعين المحدقة قد جعله كما قيل يتجاهل القوى الاخرى في الحياة اليومية التي تهدم وتحول وتغير السلطة الخاصة بمنظومة المراقبة الكلية, لقد اختزل كل علاقات القوة في منظومة بصرية واحدة مهيمنة .
لقد استعرض هذا الكتاب اهم الاسهامات الفلسفية التي قدمها الفلاسفة في هذا المجال وربط بين الآراء كلها ليصل الى احاطة جيدة بموضوع هام لا يكفيه كتاب او كتب ففي كل ميدان صورة ولكل صورة رسالتها واهدافها ولها متلقيها الذي سوف يقرؤها حسب خلفيته الثقافية وبدوره سوف يعيد انتاجه وتمثلها وربما حولها الى صور مختلفة الألوان والاشكال اننا حقا نعيش في مجتمع المشهد وما اوسع المشهد واكبره